‏إظهار الرسائل ذات التسميات الثانية باك. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الثانية باك. إظهار كافة الرسائل

مجزوءة المعرفة

مجزوءة المعرفة

الشيئ الذي أعرف
 هو أني لا أعرف شيئا
 سقراط
مدخل تمهيدي :
على خلاف المجزوءة الأولى التي انصب اهتمامها على مسألة الوضع البشري، فإن مجزوءة المعرفة هذه، ستُعنى بالنشاط العقل من التفاعل الذات والموضوع (دارسة + موضوع مدروس = معرهم). واذا كانت المناهج العلمية في دراسة الإنسان والظواهر الكونية ترتبط بإشكالية الذاتية و الموضوعية، فإن إشكالية الموضوعية والذاتية، هاته، ترتبط بالمغارقة بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية. ذلك أن الموضوع المراد دراسته في العلوم التجريبية ) هو الطبيعة وأشياءها، والموضوع المراد دراسه ( في العلوم الإنسانية) هو الذات نفسها، وهكذا إذن، يبقى الهدف المنشود من المعرفة حول الطبيعة من جهة، وحول الإنسان من جهة أخرى، واحدا ألا وهو الوصول إلى الحقيقة وقولها. وبناء على ما تقدم، فان هذه المجزوءة تتضمن المفاهيم التالية:

1-التجربة والتجريب
إن اهتمامنا في هذا الدرس سيكون منصبا على الدور الذي أنيط بالنظرية العلمية أن تلعبه في مجال العلوم التجريبية تحديدا، ومن باب الأمانة العلمية نشير إلى أن العلوم التجريبية (= الحقة ) بصفة خاصة والعلوم بصفة عامة كانت جزءا من الفلسفة قبل أن تستقل عنها ابتداء من القرن 14 م إلى القرن 16 م . معنى ذلك أن الفلسفة كانت في الماضي وتحديدا في بدايتها تسمى " بام العلوم"، والفيلسوف بدوره كان يمثل ويجسد هذا المعنى باعتباره شخصا موسوعيا، وخير دليل يمكن أن نسوقه في هذا الصدد، العبارة التي كتبها أفلاطون بباب اكاديميته : " لايدخل أكاديميتنا نحن معشر الفلاسفة من لا يجيد الرياضات ". أي أن تعلم الرياضيات كار شرطا ضروريا لتعلم التفلسف . غير أن التحولات العلمية التى حصلت وكذا نضج العلوم، ستعجل باستقلال هذه الأخيرة عن الفلسفة، وسيظهر التخصصات العلمية، وستبدأ العلوم التجريبية في استقلال عن الفلسفة، وهكذا ستستقل الفيزياء ثم الكيمياء والفلك والرياضياد وغيرها من العلوم .. وبذلك لم تعد الفلسفة تستوعب النظريات العلمية الجديدة.

2- الحقيقة
تأتي أهمية مفهوم الحقيقة من خلال ارتباطه الوثيق بتاريخ الفلسفة وتاريخ العلوم على حد سواء ذلك ان تاريخ الحقيقة هو تاريخ الفلسفة والعكس صحيح و لما كانت الحقيقة مطلب كل المعارف وكل النظريات العلمية، سواء كانت طبيعية أو إنسانية، بدت وكأنها سهلة التناول غير، أن حقيقتها غير ذلك فهي ليست واحدة بل تأتي في سياقات مختلفة و تحمل أوجها متعددة فهي تتعدد بتعدد مجالات المعرفة ( المعرفة الفلسفية المعرفة العلمية / المعرفة الدينية ..الخ ) ، وأمام هذا التعدد لا يبقى لنا الا ان نردد مع سقراط كيف لنا أن نعرف الحقائق إذا لم نكن نعرف ما هي الحقيقة ؟ " وأن نردد مع بول ريكور : ما معنى إذن البحث عن الحقيقة ؟ النتكلم بساطة شديدة أن أبحث عن الحقيقة يعني أن أتطلع إلى أن أقول قولا صالحا للكل. قولا يرتفع على أساس وضعيتى إلى مقام القول الكلى, لا أريد أن أبتدع وأن أقول ما يحلو لي ولكن أريد أن أقول ما هو كائن. فمن صميم وضعيتي أتطلع إلى أن أكون مرتبطا بالوجود. أن يتعقل الوجود ذاته في نفسي، ذاك هو مرادي من الا وهكذا فإن البحث عن الحقيقة مشدود بين " تناهي" تساؤلي و"انفتاه" الوجود". بول يكور.


مفهوم الغير بالنسبة للفلاسفة

مفهوم الغير بالنسبة للفلاسفة

1- وجود الغير
دكار يت: الأنا مكتفي بذاته مستغنى عن الغير 
هيجل: وعي الأنا يتفاعل جدليا مع وعي الغير
سارتر: وجود الغير ضروري لوجود الانا

2- معرفة الغير
سارتر: استحالة معرفة الغير
غستون بيرجي: استحالة معرفة الغير
ميرلوبونتي: معرفة الغير ممكنة عن طريق التواصل
دولوز: الغير بنية من التفاعلات بين الذوات

3- العلاقة  مع الغير
:الصداقة
أفلاطون: تحقيق كمالات مع من هو أفضل
أرسطو: الصداقة الفضيلة

الغرابة:
كريستيفا: الغريب يسكننا على نحو غريب
ك.ل. ستراوس: هيمنة الغريب



المحور الثالث وجهان من وجوه العلاقة مع الغير

المحور الثالث وجهان من وجوه العلاقة مع الغير
الصداقة والغرابة
إن العلاقة التى تنشأ بين الأنا والغير تتخذ عدة مظاهر أهمها : مظهر ان الصداقة والغرابة.
أ- الصداقة : يمكن اعتبار الصداقة من العلاقات الإيجابية التي تربطنا بالآخر، حيث يمكن أن تسمو بالأفراد إلى علاقات من الود تصل إلى التأخي والتضحية والإيثار... فما الذي يجعل الصديق محبوبا ومرغوبا فيه ؟ فما هو الدافع إلى الصداقة ؟ هل هو دافع المنفعة ؟ أم دافع المتعة؟ أم دافع الفضيلة ؟ هل نصادق الصديق لأنه شبيهنا أم لأنه ضدنا ؟ هل نصادقه كغاية في ذاته أمكوسيلة ؟

موقف افلاطون:
يرى أفلاطون أن الصداقة علاقة من المحبة والمودة، لا يمكنها أن توجد بين الشبيه وشبيهه، ولا بين الضد وضده. فالطيب لا يكون صديقا للطيب، ولا يكون الخبيث صديقا للطيب. فلكي تكون هناك صداقة بين الأنا والآخر ، لابد أن تكون الذات في حالة من النقص النسبي الذي يجعلها تسعى إلى تحقيق الكمال مع من هو أفضل. ولو هيمن الشر على الذات فإنها ستكون في حالة نقص مطلق لا تستطيع معه أن تسمو إلى الخير. ولو كانت الذات في حالة خير مطلق لعاشت نوعا من الاكتفاء الذاتي. فالدافع إلى الصداقة هو الرغبة في تحقيق سمو الذات وكمالها من خلال الأخر .

موقف أرسطو:
إن موقف أرسطو من الصداقة هو أكثر واقعية مقارنة بأفلاطون فهو يرى أن الصداقة صداقات ،صداقة تقوم على المصلحة الذاتية أو المنفعة وأخرى تقوم على المتعة، والثالثة هى الصداقة الحقة التي تقوم على الفضيلة أي أنها تطلب لذاتها، وهذا النوع من الصداقة، والذي يطلب لذاته، ضروري للحياة، فلا أحد من الناس يرغب في الحياة بدون أصدقاء، وحتى لو كان ، في حالة يسر وغنى مادي، فالمال لا يغني عن الصداقة الفاضلة، وعندما يسود هذا النوع من الصداقة بين أفراد المدينة الواحدة يسود هذه المدينة نوع من التالف والانسجام والتكافل والمحبة بين أفرادها، فتختفي أشكال العداوة والتنافر والمواجهة، مما ينتج عنه انتشار العدالة وانتفاء الظلم، ما دام الكل متصادقا، وهو ما يدفع المشرعين إلى الاهتمام بالصداقة بوصفها رابطة تجمع بين الناس في المجتمع أكثر من اهتمامهم بالعدالة نفسها. كل هذا جعل أرسطو يعجب بالصداقة ويمتدحها ويعتبرها رائعة ويساوي بينها وبين الشرف، إذ لا فرق عنده بين الإنسان الشريف والصديق الحق.
ثم يشير أرسطو إلى أن الصداقة كتجربة معيشة لا تقم على الحب بمعناه الأفلاطوني وحده، فهناك على الأقل ثلاثة أنواع من الصداقة، صداقة المنفعة، صداقة المتعة وصداقة الفضيلة. وإذا كان النوعان الأولان من الصداقة متغيرين، يتوقفان على المنفعة والمتعة ويوجدان بوجودهما ويزولان بزوالهما، فهما لا يستحقان اسم الصداقة، لأن الصداقة الحقة هي صداقة الفضيلة، لأنها تقوم على محبة الخير والجمال لذاته، أولا، ثم للأصدقاء ثانيا، لذلك فهي تدوم وتبقى. وفي هذا النوع الثالث من الصداقة تتحقق المنفعة والمتعة أيضاولكن ليس كغايتين، بل، كنتيجتين للصداقة.

صداقة الفضيلة عند أرسطو أبقى وأدوم مقارنة بالصداقة التي تقوم على المتعة و المنفعة، غير أن الحياة المعاصرة وتعقدها وازدياد حاجات الإنسار، وصراع المصالح وتزايد متطلبات الحياة الإنسانية يصيب العلاقة بين الأنا والآخر بنوع من التوتر والعنف والمواجهة والإقصاء، ومن هذه العلاقات الغرابة.

ب- الغرابة:
إذا كان الغريب هو المجهول، غير المألوف، الغامضر ، المختلف، المهمّش، المحارب ، الأجنبي ، المستعمر ، الغام الذ، فان الغرابة، تصبح تبعا لهذا التحديد، شعورا قد يدفع الأنا الفردية أو الجماعية إلى إقصاء الغير أو تدميره أو الشعور بالعدوانية تجاهه. أو على الأقل، مقابلته باللامبالاة والتهميش. إن الدوافع نحو الغريب هي في الغالب، دوافع للحفاظ على الذات، و على الهوية الثقافية والحضارية، والحفاظ على تماسك الجماعة ، وهذا ما يولد توترا وصراعا في العلاقات الإنسانية وهي حقيقة تؤكدها الشواهد التاريخية حول نوعية العلاقة بين الأفراد و الثقافات التي تختلف من حيث طبيعة القيم و المعتقدات. و يمكن الإستدلال على رسوخ النزعة الإقصائية تجاه الغريب بما ميز المجتمعات القديمة من علاقات صراعية قائمة على أساس الدفاع عن الهوية الذاتية مقابل نفي ما يخالفها (الحرود الصليبية ـ الإستعمار الحديث للمجتمعات المستضعفة. وفي الفترة المعاصرة خاصة في الانتروبولوجية الثقافية التي تمثلها كريستيفا الفرنسية من أصل بلغاري أصبح مفهوم الغريب يتأسس على نظرة أخلاقية تتجاوز ثقافة النبذ والاقصاء تجاه الغريب
في هذا السياق يندرج تصور" جوليا كريستيفا "(1941..) القائم علي نقد التصور السائد حول الغريب بوصفه المختلف عن الجماعة، والذي يهدد بالتالي وحدتها وهويتها. فالإعتقاد السائد بأن كل جماعة بشرية تتأسس على هوية خالصة هو اعتقاد وهمى فى نظر "كريستيفا" ، لأن كل جماعة تشتمل على غريبها، و من ثم فإقصاء الغريب بدعوى الحفاظ على وحدة الجماعة هو موقف يقوم على المفارقة و التناقض. فالوحدة المزعومة للجماعة ليست سوى مظهرا يخفي التناقضات الداخلية التي تنكشف لنا عندما ندقق النظر في الإختلافاد و التمزقات التي تجعل كل جماعة تحتوي على ما هو سوي ومنحرف، أو على ما يلانم قيمها وما يناقضه على السواء. وعن ذلك تقول "كريستيفا " : اليس الغريب هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها، ولا ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة. إن الغريب يسكننا على نحو غريب. إنه القوة الخفية لهويتنا..."
ويذكرنا موقف كريستيفا بموقف مشابها عند الأنتروبولوجي الفرنسي المعاصر" كلود ليفي ستراوس " الذي عرف بانتقاده الـشد يد لنزعة الهيمنة والإقصاء التي تميز الثقافة الغربية تجاه الثقافات الأجنبية. فهو يرى أن كل ثقافة بشرية لها مكانتها وإسهاماتها في الحضارة البشرية عموما. ويعتبر،بالنتيجة، أن التقدم الحاصل الآن في الغرب ليس إنجازا ذاتيا مستقلا عن المجهودات التي بذلتها ثقافات سابقة مهما بدت لنا بدانية. وهكذا فالعلاقة بين الثقافات ، كتعبير عن العلاقة بين الأنا و الغير، يجب أن تقوم على الحوار والإعتراف المتبادل بالإختلاف والتمايز وليس على الإحتواء والهيمنة. لذلك يقول "ليفي ستراوس"
إن الإسهام الحقيقي للثقافات لا يكمن في قائمة اختراعاتها، بل في الفارق المميز الذي تكشف عنه فيما بينها. إن الشعور بالعرفان والتواضع الذي يستطيع كل عضو من أعضاء ثقافة معينة ، بل يجب عليه ، ان يستشعره نحو جميع الثقافات الأخرى،لا يمكن ان يتأسس إلا على الإقتناع التالي : أن الثقافات الأخرى مختلفة عن ثقافته اختلافاتتنوع أشكاله أشد ما يكون التنوع ، وذلك حتى وان كان لا يدرك طبيعة هذا الإختلاف.


الغير: المحور الثاني معرفة الغير

الغير: المحور الثاني معرفة الغير
تأطير إشكالي:
يتبين مما سبق أن الآخر موجود وجودا ماديا كما توجد الأشياء ، وهو ما تبينه التجربة اليومية المعاشةكما تبين لنا ان وجود الأخر البشري كانا آخر ضروري لوجود الذات (أو الانا)، ذلك ما يعني أن الوجود الإنساني وجود علانقي بيني وبين الآخر، وأن الكينونة الإنسانية الفردية لا يمكن إلا أن تمتد إلى خارج ذاتها، فتنشئ علاقات، بحيث يستحيل ان تكون معزولة، ومن بين هذه العلاقات العلاقة المعرفية. بداية هل معرفة الغير ممكنة؟ تم ما قيمة المعرفة التي يقيمها الأنا حول الأخر؟  وبعبارة أخرى هل يمكن ان يعرف الاخر معرفة دقيقة ؟

أطروحة سارتر:
الغير عند سارتر هو "الانا الذي ليس أنا" أي الأنا المخالف للأنا وباعتباره كذلك، فإن سارتر يفترض ان نوعية العلاقة التي تقوم بينه وبين الأنا تأخذ وجهين هما : الانفصال والتباعد من جهة، والاتصال والتقارب من جهة ثانية. بمعنى أن الغير يتبدّى للأنا كمخالف مغاير، وكمماثل مشابه، فعندما يدرك الأنا الأخر كموضوعأو كما يدرك الموجودات الأخرى، فإنه بذلك يشيّئ الأخر ويحدث مسافة بينه وبين ذلك الأخر، وتكون العلاقة هنا علاقة انفصال، وتكون معرفة الأنا للأخر لا تختلف عن معرفته للأشياء المادية، فالآخر هنا عندما يكون بشريا، أو أنا يُجَدُ من ذاتيته ومن وعيه وحريته وإرادته، ويصبح مجرد موضوعومن هنا ندرك قيمة المعرفة المكونة عن الآخر وحدودها، (فالأنا لا يدرك الغير كأنا مخالف، وإنما كأشياء في مكان. ...
إن بناء معرفة محايدة عن الاخر يتطلب تشيئ هذا الاخر، إلا أن الأخر البشري ليس كأي آخر، ومن تم استحالة معرفته.
أننا إذا كنا نستطيع إقامة معرفة حول الآخر، يمكن أن تكون محايدة، أي يمكن أن تكون موضوعية، وذلك لاستقبال الذات العارفة عن الموضوع المدروس، وهو هنا أشياء العالم التي يمكن أن نضيف إليها" الانسان" كشيء، أي، كجسم محسوس يوجد في مكان. إذا كان هذا بالنسبة للآخر، كشيء فإنما غير ممكن بالنسبة للأخر البشري،أي، الأخر كأنا مخالف للأنا العارفة، لأنا الأخر عندما ينظر إليه كأنا أو كذات،فإن هذه النضرة تقود إلى استحالة تكوين معرفة دقيقة تقوم على الموضوعية والحياد، وذلك لأن الذات الدارسة هنا تدرس ذاتا أخرى مثلها، تسقط عليها ذاتيتها فيتعذر وجود استقلال بين الذات والموضوع، هذا الإستقلال هو الذي هوشرط المعرفة الدقيقة ، وهذا على خلافا ما يذهب إليه بعض علماء الأحياء وعلماء النفس كبرجسيون من خلال المنهج الاستبطاني وفرويد من خلال منهج التحليل النفسي وهي مناهج يؤكد بها أصحابها على إمكانية معرفة الاخر في جوهره أو عمقه (باطنه).
هكذا ينتهي سارتر على التأكيد على استحالة معرفته للأخر بسبب تعذر الموضوعية وتدخل الوعي والإرادة والحرية وهي  عناصر تميز الآخر كأنا أو كذات عن أشياء العالم المادية.
استنتاجات:
ينتهي سارتر إلى أن علاقة الأنا بالآخر، إما أن تكون علاقة فصل، وهنا يمكن للانا ان يكون معرفة عن الأخر تتسم بالحياد، إلا أنها تنظر إلى الأخر كشيء فتهمل أهم مقوماته. وإما أن تكون علاقة اتصال، وهنا ينظر الأنا إلى الأخر كأنا أو كذات، وفي هذه الحالة لا يستطيع الأنا العارف أن يكون محايدا في معرفته للأخر كذات، وهذا ما يقصده سارتر عندما يؤكد على أن معرفة الأخر مستحيلة.

أطروحة غاستون بيرجي :
يعتقد غاستون بيرجي باستحالة معرفة الغير ، فمعرفته غير ممكنة، لأن بينه وبين الأنا جدارا سميكا لا يمكن تجاوزه. هكذا فتجربة الأنا الذاتية معزولة وغير قابلة أن تدرك من طرف الغير. فالأنا يعيش تجربة حميمية مع الذات تحول دون تحقيق أي تواصل بينه وبين الغير. " فلا يمكن للأخرين اختراق وعيي، كما لايمكننى نقل تجربتي الداخلية لهم حتى ولو تمنيت ذلك، لأنني أشعر بالعزلة وأعيش في قلعة منيعة يستعصى على الغير اقتحامها " . وهذه العزلة متبادلة بين الأنا والغير فمثلما أن أبواب عالمي موصدة أمامه، فكذلك أبواب عالمه موصدة أمامي. ويتبين هذا من خلال تجربة الألم مثلا؛ فعندما يتألم الغير ويبكي اواسيه وأشاطره المعاناة، غير انني لا يمكنني أبدا أن أعيش بنفس الكيفية تجربة بكائه الذاتية، لأنها تجربة شخصية خاصة به وحده دون غيره من الناس

هكذا فبالرغم من سعي الإنسان الدؤوب نحو تحقيق التواصل مع الغير، كحاجة ملحة داخله، فإن الغير يظل سجينا في الامه ومنعزلا في ذاته ووحيدا في موته. محكوم عليه بان لا يشبع أبدا رغبته في التواصل، والتي لن يتخلى عنها أبدا.

أطروحة ميرلو بونتي:
هذا التصور عند سارتر الذي يعتقد باستحالة معرفة الغير ، سيتم تجاوزه مع ميرلوبنتى ، لقد حاول ميرلوبنتى فى موقفه الفلسفى الجديد بالقول بإمكانية معرفة الغير عن طريق التواصل معه، ردا على موقف الفلسفة الوجودية مع سارتر الذي يقول باستحالة معرفة الغير ، هذه النظرة التشييئية التي اعتمدها سارتر للإجابة على اشكالية معرفة.
يؤكد ميرلوبنتي على أنه يمكن تجاوز الاستحالة (استحالة معرفة الغير) التي انتهى إليها سارتر، عندما يدخل الأنا والغير في علاقة الاعتراف المتبادل بكل منهما في فرديته ووعيه وحريته، فالمعرفة بين الأنا والآخر تعلق ولا تنعدم أو تغيب عندما ينغلق كل واحد منهما عن الآخر حيث يقول ميرلوبونتي: "إن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع، لكن عندما ينفتحان على بعضهما البعض يحصل التواصل. إن الذات هنا لا تعيش عزلة، وهى ليست غريبة عن الأخرين.

أطروحة جيل دولوز:
يرى جيل دولوز أن الغير ليس كما قال سارتر "الأنا الذى ليس أنا. إن الغير هو بنية ونظام من التفاعلات بين الذوات. فحين تدرك الذات شيئا ما، فإنها لا تستطيع ان تحيط به في كليته إلا من خلال الاخرين؛ فالغير هو الذي يتمم إدراكي للأشياء، وهو الذي- يقول جيل دولوز-" يجسد (مثلا) إمكانية عالم مفزع عندما لا بعد مفزوعا، وعلى العكس إمكانية عالم مطمئن عندما أكون قد أفزعت حقيقة إن الغير بنية مطلقة تتجلى في الممكن الإدراكي، وهي تعبير عن عالم ممكن، ومعرفة الغير يجب أن تكون معرفة بنيوية.
هكذا فمهما يكن من شأن معرفة الغير فإن العلاقة معه اغنى وأعقد من أن تُختزل وتتنوع ، وهو تنوع يمكن اختزاله فى مظهرين أساسيين : هما الصداقة والغرابة.



الغير: المحور الأول وجود الغير

الغير: المحور الأول وجود الغير
تأطير إشكالى للمحرر:
على الرغم من أن جذور فلسفة الغير بدأت مع الفلسفة اليونانية الا أنها ظلت حبيسة التناول الأنطولوجي (الوجود)، ولم تتعداه إلى الجانب المعرفي، غير أنها عادت بقوة في العصر الحديث مع الفيلسوف هيجل كرد فعل ضد فلسفة الأنا أو الذات لدى ديكارت، فإذا كان ديكارت قد اعتقد أن الأنا يوجد في استقلال عن الاخر ، فإن الأمر يختلف مع هيجل و سارتر، فيما يؤكد الأول وجود العلاقة بين الأنا والآخر من خلال مفهوم الجدل، يؤكد التاني وجود من خلال مفهوم الخجل. فكيف يتحدد هذا الوجود؟ وما نوع العلاقة التي تقوم بين الأنا والآخر؟


أطروحة ديكارت:
رأينا في درس الشخص كيف أن التصور الديكارتي ركز في بنائه على الشخصية الإنسانية على فعل التفكير، أنا أفكر إذن أنا موجود =COGITO  باعتباره يقينا لا يقبل الشك، وحقيقة  واضحة ومتميزة، ومعنى ذلك أن الأنا أو الذات هي حقيقة مكتفية  بذاتها كذات مفكرة وموجودة وجودا ماديا بعد التفكير بدون أي وساطة، أي أنها، مكذة بذاتها ومنعزلة عن الأخر ومستغنية عنه، وهي بذلك غير قادرة على إثبات الغير كأنا آخر، لأن وجود الذات (الأنا) يتأسس على فعل التفكير (=الوعي) وهو فعل داخلي ليس  في حاجة إلى الغير ، لكن إلى متى تظل الذات تشكل وعيا بذاتها بشكل معزول عن الآخر؟ أليس في وجود الغير ضرورة لتحقيق وجود الذات؟ بمعنى أليس وعي الأنا بذاتها هو وعي بالاخر؟

أطروحة هيجل:
يعتقد هيجل أن وعى الذات لذاتها وللاخر لا يوجد كاملا منذ البداية، وإنما هو وعي يخضع للتشكل والتكون، وذلك من خلال مروره بمرحلتين : في المرحلة الأولى يكون وعي الأنا بذاته وبالاخر وعيا مباشرا، لا يرقى إلى مستوى الحقيقة، بسبب كونه لا يدرك الأخر البشري إلا كموضوع، إضافة إلى انغماسه في الحياة و عدم ارتقائه إلى مستوى التجريد.
بمعنى أن وعي الأنا بذاته وبالآخر لا يكون كاملا منذ البداية إنما يتجه نحو الاكتمال بالتدريج فيصبح حقيقه، إنه يبدا كوعي مباشر الحياة الغريزية، فهو يعي ذاته وعيا بسيطا ويدرك الآخر كمجرد موضوع، لا يختلف عن غيره من موضوعات العالم (أشيائه). إن الأنا في هذه المرحلة لا يعي الأخر كذات مماثلة له، ومختلفة عنه، كذلك الآخر عندما يدرك الأنا فهو يدركه كموضوع ولا يدركه كذات واعية، هكذا فالأنا والآخر يكونان في البداية وعيا غير كامل عن بضها، في المرحلة الثانية من نمو الوعي ، لا تعود الذات تعي نفسها كوجود مباشر وكإنغماس في الحياة، إنما تقدم نفسها أمام الاخر بوصفها تجريدا خالصاوكذلك هو الأمر بالنسبة للوعي الذي يقوم به الأخر تجاه الأنا والذا .
بمعنى ان وعى الأنا بذاته وبالاخر في هذه المرحلة الثانية لا يعود مرتبطا بالمحسوس المباشر، ويسمو عن مستوى الغرائز التى تشير إلى الحياة الحيوانية، اليرقى إلى مستوى تجريدي خالصر ، وهذا الارتقاء في وعي الأنا لذاته وللأخر ينطبق كذلك على وعى للأنا.
هذا الارتقاء في الوعي من مستوى مباشر إلى مستوى مجرد، من مستوى اللايقين إلى مستوى اليقين لا يتم إلا من خلال الصراع الذي يدخل فيه كل من الأنا والآخر، إذ يعمل كل منهما على موت ضده، فالأنا والآخر يجبران بالضرورة على الانخراط في هذا الصراع الذي يدل على أن كل منهما يخاطر بحياته للحفاظ على حريته. وهذه المخاطرة بالحياة حسب هيجل، هي الدليل على أن وعي الذات لم يعد وعيا مباشرا منغمسا في الحياة، وإنما ارتقى إلى مستوى الاعتراف به كوعي لذاته وكحقيقة.
هذا الصراع بين الأنا والاخر هو من أجل الحياة والموت. ولكن يجب أن لا ينتهى إلى الموت، لأن في ذلك إلغاء للحقيقة واليقين الذاتي، وإنما ينتهي باستسلام أحدهما للأخر.
بمعنى أن العلاقة الصراعية التي تقوم بالضرورة بين الأنا والآخر والتي تستهدف الحياة أو الموت ينبغي أن لا تنتهي إلى الموت، فتفضيل الموت من كلا الطرفين هو إلغاء للحقيقة واليقين الذاتي، فلو مات أحد الطرفين فكيف للطرف الثاني ان يعي ذاته وان يحقق وجوده وحياته، إذ، لا يمكن للأنا أن يعي ذاته وأن يحقق وجوده إلا من خلال الأخر (ضرورة الأخر= الأخر شرط وجود الأنا) إن هذه العلاقة الصراعية الضرورية يجب أن تفضل الحياة، لهذا لا يمكنها إلا أن تنتهي بهذه النهاية وهي وجود وعيين متعارضين: أحدهما وعي مستقل تقوم ماهيته في كونه وجود لذاته، والثاني وعي تابع تقوم ماهيته في كونه وجودا من أجل الأخر(أي ان أحدهما سيد والآخر عبد).

أطروحة سارتر:
يرى سارتر أن وجود الغير ضروري من أجل وجود الأنا ، من هنا فالغير هو عنصر مكون للأنا ولا غنى له عنه في وجوده وذلك واضح في قوله : "الغير هو الوسيط الضروري بين الأنا وذاته". . غير أن العلاقة الموجودة بينهما هي علاقة تشبيئية، خارجية وانفصالية ينعدم فيها التواصل مادام يعامل بعضهما البعض كشيء وليس كأنا آخر. هكذا فالتعامل مع الغير كموضوع مثله مثل الموضوعات والأشياء يؤدي إلى إفراغه من مقومات الوعي والحرية والإرادة. ويقدم سارتر هنا مثال النظرة المتبادلة بين الأنا والغير؛ فحين يكون إنسان ما وحده يتصرف بعفوية وحرية، وما إن ينتبه إلى أن أحدا اخر يراقبه وينظر إليه حتى يخجله (الخجل) "أنا أخجل من نفسي حين أتبدى للأخر" . هكذا، تتجمد حركاته وأفعاله وتفقد عفويتها وتلقانيتها فيصبح الغير يهدا المعنى جحيما، وهو ما يعبر عنه سارتر بقوله "الجحيم هم الاخرون.
إن نظرة الغير إلى تشل مقوماتي ، فتعمل على تجميد حركاتي وتسلبنى ارادتي وحريتي. إن نظرة الغير إلي تقلقني لأنها مصحوبة بتقديرات لا يمكن معرفتها، خصوصا التقديرات المرتبطة بأحكام القيمة.
هكذا إدن، فالغير مكون للأنا وضروري لوجوده، وليس مجرد وجود جائز، وهو ما يؤكد عليه سارتر حين يقول "لكي أتوضل إلى الحقيقة كيفما كانت حول ذاتي، لابد ان أمر عبر الأخر (الغير)، إن الاخر لا غنى عنه بوجوده، كما لا غنى لي عنه في معرفتي لنفسي".


منهجية : حركة البعث والإحیاء

منهجية : حركة البعث والإحیاء
 حركة البعث والإحیاء
ظھرت حركة البعث والإحیاء نتیجة عدة عوامل نجملھا في الاتي : العامل التاریخي یتجلى في تكالب الاستعمار على
البلدان العربیة و المتمثل في حملة نابلیون على مصر العامل الثقافي الذي یتجلى في ظھور الصحافة والطباعة وتنامي
فعل الترجمة و(البعثات العلمیة), وقد عملت ھذه الحركة على إعادة الشعر العربي إلى ما كان علیھ قدیما بعد الركود
والانحطاط الذي عرفھ وذلك من خلال العودة إلى ماضي القصیدة العربیة واتخاذھا نموذجا ومثلا أعلى, كما عملت على
استلھام الخصائص والأسس النظریة للقصیدة العربیة القدیمة التي تتمثل في جزالة اللفظ ونصاعة المعنى ومتانة
التركیب وقوة الجرس، وتنتمي القصیدة قید التحلیل إلى التیار الإحیائي، ویعد (اسم الشاعر) من بین الرواد ( محمود
سامي البارودي، احمد شوقي، حافظ ابراھیم ) الذین أسھموا بإبداعاتھم في إغناء وإثراء خطاب البعث والإحیاء.
ما مضامین القصیدة؟   ما الخصائص الفنیة والدلالیة للقصیدة؟   إلى أي حد استطاع الشاعر تمثل خصائص
خطاب التیار الإحیائي؟
- فرضیة القصیدة: انطلاقا من شكل القصیدة المعتمد على (نظام الشطرین) و عنوان القصیدة... وبدایتھا...، فإننا
نفترض ان... فھل مضمون القصیدة یؤكد صحة ھذه الفرضیة؟
- مضامین القصیدة: مزج الشاعر القصیدة بین الشكوى- الفخر- المدح- الحكمة * حیث جاء موضوع الشكوى
لیبرز...* أما موضوع الفخر فتوزع بین...* أما موضوع المدح جاء لیبرز ...
ویمكن تتبع وحدات القصیدة كالاتي: ففي بدایة القصیدة اشتكى...تم انتقل بعد ذلك الى مدح... ثم اختتم الشاعر القصیدة
بنصیحة مضمونھا...
- الحقول الدلالیة: یتوزع معجم القصیدة بین حقلین دلالیین ھما ( حقل الشكوى:... –و حقل الفخر:...)و انطلاقا من
المعجم نستنتج ان حقل الفخر اكثر ھیمنة على حقل الشكوى في القصیدة والملاحظ ان العلاقة بین الحقلین علاقة ( تنافر
و انفصال-) فحقل الشكوى یعكس نفسیة الشاعر المریضة واما حقل الفخر فیعكس نفسیة الشاعر المتوازنة والقویة.
- الصورة الشعریة: وقد اختار الشاعر صور شعریة مشتقات من البالغة العربیة القدیمة من جھة ومن المخزون
الشعري القدیم من جھة تانیة
حیث توزعت بین اسلوب الاستعارة...-ثم اسلوب المجاز ...اضافة الى اسلوب التشبیھ...-بحیث لم یقتصر الشاعر على
الصناعة البلاغیة فقط بل تعدداتھ الى الإتیان بالمحسنات البدیعیة مثل(الطباق...-الترادف (...
وضائف الصورة الشعریة : وقد مارست ھذه الصور الشعریة على العموم الوظیفة التزینیة والتجمیلیة والتأثیریة لدى
القارئ.
- الایقاع الخارجي الداخلي : نضم الشاعر القصیدة على البحر...الذي تفعیلتھ... كما اعتمد على وحدة الروي ھو...
كما اعتمد على القافیة موحدة... كما لم تخلوا القصیدة من ظاھرة التصریع... اما على مستوى الایقاع الخارجي فقد
وضف الشاعر التوازي التركیبي التام...
كما یتضمن على التوازي التركیبي الغیر التام...والدلالي بالتضاد... (اموت /انعش) كما اعتمد على التكرار بأنواعھ
الاربعة (تكرار الحرف الواحد...-اللفظة...-الجملة...- النسق العروضي ...
- الاسالیب : مزج الشاعر القصیدة بین الاسالیب الخبریة والانشائیة حیث كانت الغلبة للأسلوب الخبري، لان الشاعر
سعى الى اخبار المتلقي بـ... +مثال من القصیدة كما لم تخلوا القصیدة من الاسالیب الانشائیة كأسلوب النداء والاستفھام
والامر والنھي.
- تركیب وتقویم : وخلاصة القول فإن الشاعر اسم الشاعر استطاع تمثل خطاب البعث والاحیاء شكلا ومضمونا، فعلى
مستوى المضمون فقد تعددت الاغراض الشعریة ما بین... حیث تمكن من التعبیر عن... ، اما من حیث الشكل فقد التزمت
القصیدة بنظام الشطرین و بالخصائص التقلیدیة للقصیدة العربیة القدیمة معجما... وصورا بیانیة إضافة الى اعتمادھا
على وحدة القافیة والروي



الغير : تعريف المحاور

الغير : تعريف المحاور
مدخل تمهيـدي:
الإنسان كائن يختلف اختلافا كليا عن الحيوان الذي لا يتخطى مجرد الإحساس بالذات، فالإنسان يعي ذاته في اللحظة التي يقول فيها " أنا " بحسب تصور هيجل، وهو ما يعني الإحساس بالتفرد والتمايز عن باقي الموجودات بما فيها الاخر سواء كان شبيها أو غريبا عن الذات، فالواقع البشري هو واقع اجتماعي ، حيث الإنسان يعيش تجربة الحياة المشتركة مع الاخر مادام الإنسان كائنا اجتماعيا، لا يولد الإنسان إنسانا وإنما يصبح كذلك ، فحتى الحمقى والمجانين يشاركوننا في الانتماء للإنسانية ، إننا لسنا وحدنا في هذا العالم فالأخر موجود دمعنا حتى ولو كان بعيدا عنا، ما دام يشغل حيزا من تفكيرنا.
أما من الناحية الفلسفية فالغير هو "الآخر" " الأنا الذي ليس أنا" (سارتر) وفي مقابل ذلك يدل لفظ الأخر على مفهوم غير قابل للتعريف لأنه عام يشمل كل ما يقابل " الهُو هُو"  le même .
إن الغير من الوجهة الفلسفية هو " آخر وليس آخر، في نفس الوقت "، أي، " مخالف" و" مطابق" فهو "ليس الأنا" من جهة وهو الآخر" المماثل للأنا" من جهة ثانية.
ويقصد بالأنا الذات المفكرة العارفة لنفسها في مقابل الموضوعات المتميزة عنها وعن تفكير هاكما يقصد بالأنا كذلك الوعي الذي تملكه الذات عن فرديتها. ومن هنا يتبين أن الأنا يحمل دلالة أخلاقية قيمية، عكس الموضوعات المفتقرة إلى الوعي والحرية.

- البناء الإشكالي للمفهوم

1) المحور الأول وجود الغير :
على الرغم من أن جذور فلسفة الغير بدأت مع الفلسفة اليونانية إلا أنها ظلت حبيسة التناول الأنطولوجي (الوجود)، ولم تتعداه إلى الجانب المعرفي، غير أنها عادت بقوة في العصر الحديث مع الفيلسوف هيجل كرد فعل ضد فلسفة الأنا أو الذات لدى ديكارت، فإذا كان ديكارت قد اعتقد أن الأنا يوجد في استقلال عن الآخر، فإن الأمر يختلف مع هيجل الذي أكد على أن الأنا أو الذاد لا يوجد من خلال الأخر. فكيف يتحدد هذا الوجود؟ وما نوع العلاقة التي تقوم بين الأنا والاخر ؟ ما هي إذن طبيعة وجود الغير؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الأنا والغير؟ وهل لأحدهما أن يوجد بمعزل عن الآخر؟

2) المحور الثانى معرفة الغير:
يتبين مما سبق أن الآخر موجود وجودا ماديا كما توجد الأشياء، وهو ما تبيّنه التجربة اليومية المعاشةكما تبين لنا أن وجود الأخر البشري كانا اخر ضروري لوجود الذات (أو الأنا)، ذلك ما يعني أن الوجود الإنساني وجود علانفي بيني وبين الآخر، وأن الكينونة الإنسانية الفردية لا يمكن إلا أن تمتد إلى خارج ذاتها، فتنشئ علاقات، بحيث يستحيل أن تكون معزولة، ومن بين هذه العلاقات العلاقة المعرفية. بداية هل معرفة الغير ممكنة؟ تم ما قيمة المعرفة التي يقيمها الانا حول الاخر؟ وبعبارة أخرى  هل يمكن للأنا أن يعرف الأخر معرفة دقيقة ؟

3) المحور الثالث أوجه العلاقة مع الغير:
سبق التأكيد على أن العلاقة بين الذات والغير هي علاقة مركبة ومعقدة لان مضمون هذه العلاقة يتراوح بين الصداقة والكراهية، الحب والعداوة، التعصب والتسامح الوفاء والخيانة، إجمالا يمكن الحديث عن نموذجين لهذه العلاقة : العلاقة الإيجابية، العلاقة السلبية وبالتالي نتساءل لماذا يرتبط الأنا بالاخر برباط الصداقة هل نباءا على غاية أم اعتباره غاية في ذاته أم لأنه يشبهنا أم هو ضدنا ؟ أم هو مفيد لنا .. وفي نفس الوقت لماذا نرفض الاخر ونحاول اقصاءه وتكون علاقتنا معه علاقة صدام وكراهية؟ إذا كانت معرفة الأخر تقتضي التواصل، فما طبيعة هذا التواصل ؟ هل هو تواصل دون تشي أو استيلاب أو عنف ؟ وإذا كان دخول الأنا مع الغير في علاقات ضروريا فما الأوجه المختلفة لهذه العلاقات؟




مفهوم الشخص بالنسبة للفلاسفة


مفهوم الشخص بالنسبة للفلاسفة
1- هوية الشخص
ديكارت: الفكر أساس هوية الشخص
جون لوك: الإحساسات والشعور المقترن بالفكر
لا شوليي: دوام نفس الطبع وترابط الذكريات

2- قيمة الشخص
كانط: والعقل أساس كرامة الشخص وقيمته المطلقة، انه عقل أخلاقى عملى
مويني: الانتقال من الذات والخروج من عزلتها وفرديتها والاتجاه نحو الإنسان
الحبابى: الانتقال من الذات والخروج من عزلتها وفرديتها والاتجاه نحو الإنسان

3- حرية الشخص
سارتر: حرية مطلقة ولا حدود لها
سبينوزا: الإنسان لا يعيش الحرية ، بل يعيش وهم الحرية
الشخصية فيالعلوم الإنسانية:
                                    - علم الاجتماع فرويد: لا وجود للحرية كل ما هنالك حتمية نفسية
                                    - علم الاجتماع جى روشي: لاوجود للحرية كل ما هنالك خشية اجتماعية ثقافية





الشخص: المحور الثالث الشخص بين الضرورة والحتمية

 الشخص: المحور الثالث الشخص بين الضرورة والحتمية
التأطير الإشكالي للمحور
إذا كان الشخص ما يتوفر على هوية خاصة به قد يستقيها إما من فكره أو من وعيه أو من أفعاله أو من ذاكرته، وإذا كان هذا الشخص يتوفر على قيمة قد يستمدها من كفاأته العقلية أو من عقله الأخلاقي العملي أو من تشخصنه ( الشخصانية). فإن هذ الشخص ء رغم هذه الهوية وهذه القيمة فهو ينتمي على معين ويعيش وفق شروط موضوعية تجعله يدرك ان وجوده مشروط بضروف قاهرة وإكراهات وحتميات يخضع لها الشخص
وهذا ما يفضي إلى فقدان هذا الشخص حريته والتي بدورها ستنتفي جميع أبعاده الإنسانية. لكن رغم ذلك فالإنسان يرفض الاستسلام لواقعه ويفكر في تجاوزهفما السبيل إلى تجاوز هذه الشروط والإكراهات لكي يحقق الشخص حريته ويمارسها؟

أطروحة جون بول سارتر:
تعد الفلسفة الوجودية فلسفة الحرية بامتياز لكونها تعتبر الفلسفة الوحيدة التي أعطت تصورا خاصا عن حرية الشخص يختلف عن الفلسفات الأخرى و أيضا عن تصورات العلوم الإنسانية.
ينطلق سارتر من مبدأ أساسي الذي تتأسس عليه الوجودية " الوجود سابق على الماهية " . فالشخص لا يتحدد بمفهوم سابق كما تتحدد الأشياء ( لنأخذ مثال الطاولة : فالطاولة تتحدد بمفهوم سابق يوجد في ذهن النجار أولا ثم يترجمه الى واقع .) أما الإنسان فليس مفهوما أو فكرة سابقة على وجوده، إن الإنسان عليه أن يوجد أولا، وأن يتحدد بعد ذلك من خلال ما يصنعه بذاته، من هنا يتبين أسبقية الوجود على الماهية لدى الإنسان . معنى هذا أن الإنسان موجود، ووجوده يتحدد بوثباته باتجاه المستقبل. فالإنسان يتميز عن الموجودات الأخرى بخاصية الوعي، تلك الخاصية التي تجعل الشخص يختار أفعاله ويقوم بها، وهذا ما يقصده سارتر بأن الانسان ان مشروع تحدد بالعلاقة مع المستقبل.
إن ما يحدد الشخص في نظر سارتر، ليس نواياه وإنما الانخراط في ما اختاره وتحمل مسؤوليتة أفعاله. يقول سارتر "ان الخطوة الاولى للوجودية هي أنتضع الانسان =الشخص أمام كينونته، وأن تضع عليه مسؤولية وجوده الكلية". غير أن هذه المسؤولية التى يتحدث عنها سارتر ليست مسؤولية ذاتية ولا فردية، بل هي مسؤولية عن الأخرين كذلك. إن المعنى العميق للذاتية عند سارترل، بالإضافة، إلى أن يختار الشخص ذاته بنفسه، أن يختار أفعاله، ذلك أن الذي يختيار لا يقصي الآخرين كذلك. وهكذا يصبح الاختبار الذاتي هو اختيار إنساني ككل، وبهذا الاختيار تصبح الذات مسؤولة عن نفسها وعن الأخرين كذلك ( فمثلا الزواج هو اختيار جماعي وليس فردي ...الخ
يتبين انطلاقا مما سبق أن الشخص كذاتية، معناه، أنه ذات تتصف بالوعى والاختيار والحرية والمسؤولية. هكذا يتبين انه إذا كانت العلوم الإنسانية ترد الذات إلى الموضوع، فإن فلسفة سارتر ، ترد الموضوع إلى الذات، ولا غرابة فى ذلك، إذا كانت الوجودية هي ذلك المذهبة الفلسفي الذي يجعل الشخص مركزا في تفكيره، وبهذا المعنى نفهم قول سارتر" إن وجودي لا يصدر عن مقدماتي وعن محيطي الفيزيائى والاجتماعي، يتجه نحوها ويدعما".

أطروحة سبينوزا
ينطلق سبينوزا في جوابه على سؤال الحرية من منطلق ان كل حركة سواء تعلق الأمر بالإنسان أو الحيوان أو الجمادات هي محددة بعلة خارجية تتحكم في وجودها وفعلها باستتناء الجوهر أو الله الذي هو علة وجوده. فلا يتصرف إلا وفق الضرورة التي تمليها طبيعته، أما بقية الموجودات وخصود ية التي يتفاخرون بامتلاكها لا تعدو ان تكون وهما ناتجا عن الجهل: أي عن وعيهم بر غباتهم وجهلهم بالعلل التى تجعلهم ير غبون في شيء من الأشياء، لا وجود إذن لفعل حر، بمعنى فعل لا علة له تحدده ، والحرية الوحيدة السكة هي وعي هذه الضرورة، والتصرف وفق الطبيعة الجوهرية للإنسار أي الطبيعة العائلة، ومنى الك أن الفاعل الحر هو الذي يقيد نفسه بعقله وإرادته، ويعرف كيف يستعل ما لديه من طاقة , وكيف يتنا النتائم و ك ة نما بعضنا النصر والين يحكم عليها
يدحض اذر، سبينوزا امزاعم من يدعي ان الانسان حر حرية مطلقة ويبين ان هذه الحرية ليست إلا رهما ويعطي أمثلة من التجربة الطفل الذي يستهى الحليب ، فهو يلجا للبكاء بدافع الحاجة .. الثرثار... . المخمور .... هؤلاء يعتقدون أنهم يختارون أفعالهم عن وعي ونزية في حين أنهم في حثيقة الامر مدفو عون بز غباتهم و انفعالاتهم الحرية التي تكون انقيادا للانفعالا ليست حرية بل عبودية أما الحرية الحقيقية هي في الالتزام بالعقل.

أطروحة العلوم الإنساني
منذ بداية القرن 19 ظهرت فلسفات مهدت إلى بروز العلوم الإنسانية وتؤكد حتمية الوجود الإنساني، غير أنها تنفي عن الشخص حريته وإرادته ووعيه، وليست للإنسان القدرة على اختيار مصيره بنفسه، فهي تعتقد بسلبية الفرد في اختيار مصيره. فالإنسان الفرد فى نظرها مقولة فارغة، وقد تطور هذا التصور في فلسفات مختلفة كالبنيوية التي تقول بوجود بنيات اقتصادية واجتماعية تعمل بمعزل عن الأفراد وخارجا عن إرادتهم، ونجد كذلك ألتوسير يقول بضرورة التعامل مع الناس داخل وحدات الإنتاج كرموز لا كأشخاص..الخ. وكان هذا انعكاسا لبروز العلوم الانسانية التى اتخذت الانسان كموضوع لها، وحاولت بعض المدارس التعامل مع الظواهر الانسانية بمناهج العلوم الطبيعة، كما يتم التعامل مع الاشياء والحيوانات بغية تجدين الإنسان وضبطه والتحكم فيه. وبذلك سحق الإنسان في أسطورة أديب، وحيوانية داروبن، ومادية ماركس، ومن تم أعلن عن موته. هكدا حاولت العلوم الإنسانية أن تعتبر الشخص بشكل أو باخر نوعا من المنتوج الحتمي الذي نستطيع التعامل معه بموضوعية

أطروحة التحليل النفسي نموذجا لعلم النفس :
ينطلق التحليل النفسي سيجموند مع فرويد مجموعة من الأفعال تصدر عن الإنسان لا يمكن تفسيرها بالوعى وبالشعور فلتات اللسار ، وزلات القلم، والأحلام، والنسيان، والأعراض العصابية.الخ.
هى أفعال حسب فرويد لا يمكن تفسيرها بالاستناد على الوعي، لأن هناك ما يتجاوز الوعي والشعور: وهو اللاوعى واللاشعور، أي أن مدرسة التحليل النفسي مع فرويد تطرح مفهوم اللاشعور كفرضية اساسية بوصفها نظاما نفسيا يتجاوز شعور الإنسان ووعيه. فهل تستطيع الشخصية من وجهة نظر التحليل النفسي أن تحقق حريتها، أم، أن خضوعها للاشعور يجعلها تخضع الحتميات صارمة ؟ وقبل ذلك ما هى مكونات الشخصية بوصفها نظاما نفسيا؟.
يتكون الجهاز النفسي حسب نظرية التحليل النفسي من ثلاثة مناطق أساسية متفاعلة فيما بينها وهي : الهو: الهو: يعتبر الهو أو اللاشعور المستوى الأكثر عمقا بالمقارنة مع المناطق الأخرى، وهو لا يعرف مباشرة، إذ أن ما يدل على وجوده هو مجموعة من الأفعال النفسية كفلتات اللسان، زلات القلم، الأحلام، النسيان، الأعراض العصابية ..الخ. ويتكون الهو أساسا من الغرائز والدوافع العضوية التي لا تخضع إلا لمبدأ اللذة، لذلك نجد الهو لا يميز بين الخير والشر ، ولا بين الحلال والحرام، إنه الجانب الحيواني في الإنسان
الأنا: يعتبر مقارنة مع الهو - المستوى الأقل عمقا في نفس الإنسان، فهو يتميز بالانسجام والتفكير المنظم، وبحكم علاقته بالعالم الخارجي فهو مطالب بتحقيق رغبات الهو المندفعة، إنه لا يعمل على إشباعها، فغالبا ما يلجأ على آلية الكبتر أي الإقصاء والإبعاد) عندما لا يكون ممكنا تحقيق الرغبة المندفعة. وهذا يرجع بدوره إلى أن الأنا مطالب بالرضوخ إلى متطلبات "الأنا الأعلى" الأخلاقيةإن موقع الأنا في الجهاز النفسي يجعل وضعيته صعبة. فهو يظهر كمخلوق ضعيف خاضع لاستبعاد ثلاثي : هناك ضرورة التكيف مع الواقع الخارجي، كما أنه مطالب بتحقيق متطلبات الهو، وأخيرا فهو يخضع لأوامر الأنا الأعلى. إن هذه الوضعية الصعبة هي التي جعلت فرويد يقول عنه "أنه الموطن الحقيقي للقلق".
الأنا الأعلى : يعتبر المنطقة الثالثة في الجهاز النفسي وهو ما يدعوه فرويد بالوعي الأخلاقي إذ أنه يمثل القواعد والواجبات، وكذا الموانع الأخلاقيات . إن" الأنا الأعلى" بوصفه سلطة أخلاقية، يراقب الأنا ويملي عليه أوامره ويعاقبه إن اقتضى الأمر ذلك إن الدرس الفلسفي الذي ينبغي استخلاصه من مدرسة التحليل النفسي هو أن هذه المدرسة قد أحدثت ثورة فى المعنى، فهي ترى أن الذي يحدد المعنى ليس هو الوعي كما كان يعتقد في السابق، وإنما اللاوعي، واللاشعور، ذلك أن الأفعال النفسية التيتصدر عن الإنسان كفلتات اللسار ، زلات القلم، الأحلام، النسيان، الأعراض العصابية.الخ، ليست فارغة من المعنى، بل هي حاملة لمعنى مقصي ومبعد، وهو الذي يحدد شخصية الإنسان، من خلال ذلك التفاعل الحركي والديناميكي النشطا بين مكونات الجهاز النفسي (للهو/ الأنا / والأنا الأعلى). ولما كانت الشخصية الإنسانية خاضعة للاشعور - أى خاضعة لغرائزها المكبوتة والقصية المبعدة والغير المتحققة، فلا وجود من منظور التحليل النفسي اللحرية، كل منا يوجد هناك حتمية نفسية صارمة تخضع لها الشخصية.
عن اعتبار الشخصية بهذا المعنى، عبارة عن منتوج ، إلغاء كل فردانية وحرية في سلوك الشخص. وهذا فعلا ما يدفعنا على التساؤل التالي أمام وعي الشخص بكل هذه الحتمياد النفسية، ألا يملك القدرة على تحرره وتحقيق استقلالية ؟

أطروحة جى روشي نموذجا لعلم الاجتماع
يرى جي روشي أن الإنسان محتاج بشكل كبير إلى المجتمع لاكتساب صفات لايمكنه بدونها أن يمارس حياته كإنسان اجتماعي. وبسبب هذا الاحتياج، فإن الفرد يخضع لما يسمى بمسلسل التنشئة الاجتماعية التي يعرفهاروشي بأنها عملية تطورية بواسطتها يقوم الشخص طوال حياته بتعلم واستبطان المعطيات الاجتماعية والثقافية لمحيطه لكي يدمجها في بنية شخصيته حتى  يتكيف مع المحيط أو الوسط الذي هو مضطر لكي يعيش فيه.
وهكذا يكتسب الفرد خلال عملية التنشئة الاجتماعية أساليب التفكير والتصرف والإحساس الخاصة بمجتمعه، وهو ما يسهل تكيفه مع باقي الأفراد داخل المجتمع. فيصبح بذلك عضوا امندمجا في الجماعة ويدافع عن نفس القيم السائدة فيهاوهذا ما يضمن وحدة المجتمع ويجنبه الوحدة والانقسام.
ولا يمكن لعملية الاكتساب أن تكون ناجحة وتؤدي إلى التكيف ما لم يستدمج الفرد كل ما يتلقاه من مجتمعه لكي يصبح جزءا يتجزأ من شخصية، بحيث يعتبر أن الأساليب التي لقنت له وفرضت عليه، أساليب طبيعية وعادية يتبناها هو نفسه وكأنها صادرة عن إرادته الحرة، في حين أنها رسخت لديه عبر التنشئة الاجتماعية لذلك فكل ما يوجد من منظور علم الاجتماع حتمية اجتماعية وثقافية صارمة تعيشها الشخصية الانسانية.

.



الشخص: المحور الثاني الشخص بوصفه قيمة

الشخص: المحور الثاني الشخص بوصفه قيمة


التاطير الاشكالي للمحور :
اذا كانت جل الفلسفات تتفق على ان الانسان كائن مميز على باقي الكائنات الاخرى ، لكونه الكائن الوحيد الذي ينظر الى نفسه بوصفه قيمة ، وايضا لافعاله ، فهل تتحدد قيمة الشخص من خلال ما يميزه من وعي وارادة ، وكذا قدرته على التمييز عن اشياء وموضوعات العالم الخارجي ؟ ام ان قيمة الشخص تكمن في التعامل معه كغاية في حد ذاته ؟ اين تكمن قيمة الشخص ، هل في مجال الوجود الفردي ، ام من خلال التضامن الاجتماعي ؟

أطروحة إيمانويل كانط:
عندما ينظر إلى الإنسان باعتباره يتقاطع مع الكائنات الأخرى داخل الطبيعة فهو لا يعدو أن يكون مع هذه الكائنات قيمة مبتذلة. لكن عندما ننظر إليه بوصفه شخصا، أي كذات لوعي أخلاقي عملي (أي ذات تتصف بالوعي الأخلاقي العملي) ، سنجده، والحالة هذه، يتجاوز كل سعرن وبالتالي لا يمكن أن نقدره بوصفه شيئا في ذاته (اي كوسيلة لتحقيق غايات الاخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته الخاصة) بل يمكن تقديره كغاية في ذاته
إن ما يميز عقلانية كانط عن باقي التصورات الفلسفية والعقلانيات الأخرى، هو أنها أضافت إلى وعي الشخص بعدا أخلاقياعملياومعنى ذلك أن الشخص لا يرتكز فقط على البعد الواعي، بل يستند، أيضاعلى البعد الأخلاقي العملي الذي يتجسد في جملة من المبادئ والقيم والمعايير الأخلاقية والقانونية، وهذه المبادئ هي ما يجعل من الشخص كائنا ذو كرامة فهو ليس مجرد وسيلة التحقيق غايات الافراد، (الكذب رذيلة ولو كان لحماية صديق من مجرمين يودون قتله)، وليس مجرد وسيلة لتحقيق غايات الذات . من كذب على شخص فكأنما كذب على الناس جميعا) بل هو غاية في حد ذاته . فالذي يجعل الشخص لن يسمو عن باقي الكائنات الأخرى ويبتعد عن كونه قيمة مبتذلة هو امتلاكه ذاتا مفكرة، تستشعر المسؤولية وتقوم بالواجب الأخلاقي ومن تم فهي مسؤولة أخلاقيا وقانونيا

أطروحة إيمانويل مونييه:
إن ما يميز الشخص عن الأشياء في نظر مونييه، هو أنه ذات لا تتكرر ولن يحل مكانها أحد، بمعنى أنه ذات متميزة لها صفات لا توجد عند الآخرين. ويضيف مونييه صفتين للشخص هما التمرد والانشقاق، لأن هاتين الصفتين تؤكدان تميزه عن غير ورفضه لما هم سائد ودعوته إلى الانشقاق من أجل إقامة مجتمع جديد، ان عملية التشخصن هي عبارة عن حركة مستمرة للتحرر من كل عبودية داخلية أو خارجية، في إطار الجمع بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، وقد أكد مونييه على هذه العلاقة الجدلية بين الذات والموضوع أي بين الفرد والمجتمع (بين الأنا والغير). في هذا الاتجاه نجد الفيلسوف الشخصاني يؤكد على ضرورة تحقيق الذات لكمالها، ثم بعد ذلك تنخرط في العلاقة مع الآخرين كشخصية فاعلة وليست منفعلة. فالإنسان لا يدرك ذاته غلافي الأخرين منذ طفولته المبكرة ويتعرف عليها في الاتجاهات التي توجهه فيها أنظار الأخرين.

الفلسفة الشخصانية (إيمانويل مونيه ومحمد عزيز الحبابى):
لما كان ضروريا مقارنة الشخص بوصفه قيمة ضمن هذا المحور من وجهة نظر الاتجاه الشخصاني مع كل من إيمانويل مونيه ومحمد عزيز الحبابي كان لزاما علينا الوقوف على المفاهيم التي تنسج النسق الشخصاني وهي كالتالي:
كانـــن              المعطى الخام الذي يحل في العالم، فيلتقطه المجتمع.
أو ذاته              مجموع شخصيات ( القانونية / الأخلاقية/ النفسية..الخ، التي تكون شخصه،
تشخصن           الانتقال من الكينونة إلى الشخص.
مجتمع              إطار تاريخي لتشخيص الكائن وهو يتطور من شخصية إلى اخرى، ويجمع بين شخصين أو أكثر.   
إنسان               الهدف الأعلى للتشخصنأنه لا يتحقق إلا في المجتمع.

أطروحة محمد عزيز الحبابي:
يروى محمد عزيز الحبابي بأن الإنسان يمر بثلاثة مراحل: تبدأهده المرحلة من (الكائن أو الفرد) تم (الشخص) لتصل
إلى ( الإنسان ) إذن فالفرد مادة خام أولية يظهر منها الشخص، عندما يميز نفسه عن الاخرين، وعندما يتحرر من كل ما يعوق تطوره الشخصي، وبعد أن يصل إلى مرحلة الشخص، تحدث النقلة إلى الإنسان. والإنسان عند الحبابي يشكل وحدة بين الكائن والشخص. فالكائن - الفرد- يخضع للضرورة، ويسيره المجتمع، ويخضع لكل مؤثرات البيئة المحيطة به . أما الشخص فإنه يبدأ بوعي ذاته وذات الآخرين ويبدأ بالتحرر من كل القيود المحيطة به فيكون شخصا فاعلا مبدعا وحرا. إن أهم ما يميز الإنسان عن الفرد هو امتلاكه لهدف ما، لغاية وقيمة يريد تحقيقها، بعد ان حقق وجوده في مرحلة التشخصن الإنسان بلغ تشخصنه درجة من النمو تجهله يقوم بنشاط ما، يحقق نوايا ترقى إلى أبعد من الأشياء الفردية
أن عملية التشخصن هاته ( الانتقال من الذات والخروج من عزلتها وفرديتها والاتجاه نحو الشخص ثم نحو الانسان ) تتم عبر الخطوات التالية:
الخروج من الذات: إن الشخص هو وجود يستطيع الانفصال عن ذاته ويصبح تحت تصرف الاخرين، ولا يستطيع ان يحرر الاخرين إلا إذا حرر نفسه قبل كل شيء.
البحث عن الحقيقة   لا ينبغي على الفرد أن يبحث عن الحقيقة في الذات المنغلقة على نفسها، بل في الاوات الأخرى، لأن الحقيقة تظهر من خلال الاتصال بالغير وليس من خلال العزلة. إن الحقيقة تكتسب من الخبرة والتواصل مع الغير.
تحمل المسؤولية   ينبغي على الفرد أن يأخذ على عاتقه مصائر الاخرين والامهم وافراحهم، وان يتحمل مسؤولية كل ذلك.
العطاء   إن قوة الشخصية لا تتجلى فقط بالمطالبة والصراع حتى الموت، بل في الكرم والمجانية، إن الكرم يزيل كثافة المرء ويلغي عزلته.
الإخلاص  إن مغامرات الفرد تستمر من الميلاد إلى الموت، وإن الإخلاص للشخص خلاصة ذلك أن الانفتاح على الاخرين لا إلغاء الذات وتميزهابل يعني تأكيد الذات وتمركزهما حول نفسها أولا، ثم خروجها على العالم لكي تمارس نشاطها بفعالية دون أن تفقد شخصيتها.



الشخص : المحور الأول الشخص والهوية

الشخص : المحور الأول الشخص والهوية


التأ طير الإشكالي للمحور :
يتميز الانسان على موجودات هذا العالم وموضوعاته ، بوعيه وايضا باعتباره ذاتا متميزة ومستقلة ، غير أن هذا الإنسان ليس شخصا فحسب ، بل هو هوية متأصلة في الذات لذلك نجد الفسلفة والعلوم الانسانية قد اهتمتا معا عبر تاريخيهما بمسألة الهوية الإنسانية : فعلى اي اساسا تقوم هوية الشخص ، اذن ، هل على اساس تطابقها مع ذاتها ووحدة نفسها ؟ بمعنى اخر ، هل يفترض في هذه الهوية التي ننسبها لأنفسنا وحدة ثابتة ؟ ام ان هوية الشخص هي هوية متعددة ومتباينة ؟ لو افترضنا ان هوية الشخص هي هوية متطابقة فما هو منشأ ومصدر هذا التطابق ؟ وما هي حدوده ؟ وكيف نفسره ؟ 

اطروحة ديكارت : 
لما كان هدف ديكارت هو معرفة ذاته واثبات لهويتها فانه سيلجأ الى الشك كاختبار منهجي لبلوغ اليقين الذي يخصه ، أي " تقرير وإثبات هوية شخصيته ، " فالإنسان يجب الا ينصاع الى الافكار المالوفة وان لا يخضع لها ، وانما يجب عليه ان يصوغ افكاره ومواقفه منطلقا في ذلك من الشك المنهجي ، الذي يؤمن بوجود الحقيقة وقيام المعرفة ويسعى الى بنائها ، على عكس الشك السوفسطائي الذي ينكر وجود الحقيقة وقيام المعرفة بما فيها هوية الانسان وحقيقته ومعرفة ذاته لقد شك ديكارت في كل شيء ، فكرة واحدة لم يشك فيها ديكارت ، اعتبرها فكرة واضحة ومتميزة لا تحتاج الى برهان ، ومن تم شكلت منطلقا لكل افكاره وهي " انا اشك ، انا افكر ، اذن انا موجود " فما دامت الذات تفكر فهي تؤكد هويتها ( التفكير والوعي ) ثم وجودها في ما بعد ولما كان الانسان جسما وفكرا ، وان هذا الجسم يتصف بالزوال ، فإن الذات الإنسانية لا تتحدد انطلاقا من الجسم بخصائصه المادية وبحواسه الخادعة ، وانما انطلاقا من الأنا كجوهر لا مادي ، يمثل هوية الشخص ، لأن الأنا / الذات ، قائمة على الفكر وحده دون اي اعتبار للجسد هكذا اذن يصبح التفكير و الوعي عند ديكارت ليس علامة على وجود الشخص فحسب ، بل ان التفكير والوعي يمثل هوية الشخص ذاته 

اطروحة جون لوك :
حسب تعريف جون لوك ، فالشخص كائنعاقل مفكر ، ويكون على وعي بانه هو نفسه ذلك الكائن العاقل حيث ما كان ، وفي اي زمان كان ، يعي بانه هو نفس الشخص الذي قام بفعل معين ، وبظل ذلك الفعل لاصقا بهويته و وعيه مهما تغيرت الظروف وتعاقبت الازمان ان ما يجعل الشخص " هو نفسه " عبر امكنة وازمنة مختلفة ، هو ذلك الوعي او المعرفة التي تصاحب مختلف العمليات الذهنية والسيكولوجية وهي نفس العمليات ، التي اعتبرها ديكارت امتدادا للفكر فهي شك ، وفهم وشم وتذوق وسمع واحساس وارادة ... و ... الخ تنضاف اليها الذاكرة التي تربط الخبرات الشعورية الماضية بالخبرة الحالية ، مما يعطي لهذا الوعي استمرارية في الزمان اذن ف " لوك " و " ديكارت " متفقان على ان الهوية الشخصية تمكن في فعل الوعي ، ولكنهما يختلفان على مستوى تفسير هذا الوعي ، وكيفية تصريفه ففي الوقت الذي ترى فيه عقلانية ديكارت ان العقل ملكة فطرية ، وعليه فالإنسان يولد مزودا بالأفكار الفطرية  " العقل اعدل قسمة بين الناس " يرى جون لوك بصفته رائدا للمدرسة التجريبية ، ان العقل لا يمثل جوهر الذات ، فهو مجرد صفحة بيضاء تنقل اليه معطيات الواقع الخارجي عن طريق التجربة والحواس فالطفل يخرج الى الوجود وعقله عبارة عن لوح مصقول                             دون ان يتضمن اي افكار قبلية سابقة على التجربة هكذا اذن يرفض جون لوك هذا التفسير ويعتبره تفسيرا ميتافيزيقيا ففكرة " الجوهر المفكر " يرى لوك  صاحب النزعة التجريبية انها تنطوي على تفسير ميتافيزيقي ، معتبرا ان التجربة هي المدد الأساسي والوحيد في بناء وعي الإنسان وتفكيره 

اطروحة لاشوليي : 
اعتبر لاشوليي ان طبع الانسان وذاكرته هي الضامن الاساسي لوحدة الشخص وتطابقه مع ذاته على الرغم من مطاهر التحول والتغير التي تطبعها ، فان وحدة الشخص تبقى هي السمة الأساسية التي تميز الإنسان عن غيره ، وفي هذا الإطار ، فإن فعل التذكر هو الذي يمنح الفرد شعورا بهويته واناه وبثباتها ويتجلى هذا واضحا في شعور الفرد داخليا وعبر حياته وباستمرار وحدة شخصيته وهويتها وثباتها ضمن الظروف المتعددة التي تمر بها ، كما يظهر بوضوح في وحدة الخبرة الماضية التي كان يمر بها ان ما يفسر هذا الترابط في الذاكرة بين ذكريات الماضي وذكريات الحاضر : هو ان حالاتنا النفسية الحالية تتولد من حالاتنا النفسية  السابقة ، وهكذا يمتد وعينا التذكري في الماضي ويتملكه ويربطه بالحاضر فيصبح الوعي اذن ، مع لاشوليي ذاكرة ، يوجد بوجودها ويضيع بضياعها 



الشخص : تعريف المحاور

 الشخص : تعريف المحاور
"الانسان مسؤول 
اخلاقيا مع ذاته وأمام 
الناس وأمام الله "
 كانط
-مدخل تمهيدي :
تجدر الاشارة الى ان تناولنا للشخص لن يكون بصفته ، لفظة او كلمة او مصطلحا ،بل ، بصفته مفهوما وهذا سيكون ديدننا مع كل الدروس والمجزوءات التي تغطي المقرر الملاحظة الثانية ان مفهوم الشخص يبدو ، وكالة ، يريد ان يطرح نفسه كبديل عن مفهوم الشخصية الذي كان مقررا في المقررات السابقة ، الشيء الذي يدفعنا للتساؤل عن الفرق بين مفهومي :" الشخص" و" الشخصية " والحقيقة ان مفهوم الشخص تناولته الفلسفة باعتباره ائنا واعيا له حرية وقيمة، هذا الكائن الاخلاقي والحقوقي المتميز صاحب الوعي والعقل والارادة ، يختلف عن مفهوم الشخصية الذي تناولته العلوم الانسانية كموضوع للدراسة ، وذلك من خلال مظاهره النفسية والاجتماعية  والتربوية .. الخ انطلاقا من هذه الاعتبارات ، واخرى ، ستتضح معالمها اثناء الدرس ، يمكن القول ان مفهوم الشخص قابل للتناول الاشكالي 

-البناء الاشكالي لمفهوم الشخص :

1. المحور الاول الشخص والهوية :
يتميز الانسان على موجودات هذا العالم وموضوعاته ، بوعيه باعتباره ذاتا متميزة ومستقلة ، غير ان هذا الانسان ليس شخصا فحسب ، بل هو هوية متاصلة في الدات لذلك الفلسفة والعلوم الانسانية قد اهتمتا معا عبر تاريخيهما بمسالة الهوية الانسانية : فعلياي اساسا تقوم هوية الشخص ، اذن ، هل على اساس تطابقها مع ذاتها ووحدة نفسها ؟ بمعنى اخر هل يفترض في هذه الهوية التي ننسبها لأنفسنا وحدة ثابتة ام ان هوية الشخص هي هوية متعددة ومتباينة ؟ لو افترضنا ان هوية الشخص هي هوية متطابقة فما هو منشأ ومصدر هذا التطابق ؟وما هي حدوده ؟ وكيف نفسره ؟ 

2. المحور الثاني الشخص بوصفه قيمة :
اذا كانت جل الفلسفات تتفق على ان الانسان كائن مسير على باقي الكائنات الأخرى ، لكونه الكائن الوحيد الذي ينظر الى نفسه بوصفه قيمة ، وايضا لافعاله ، فهل تتحدد قيمة الشخص من خلال ما يميزه من وعي وارادة ، وكذا قدرته على التميز عن اشيا ء وموضوعات العالم الخارجي ؟ ام ان قيمة الشخص تكمن في التعامل معه كغاية في حد ذاته ؟ اين تكمن قيمة الشخص ، هل في مجال الوجود الفردي ، ام من خلال التضامن الاجتماعي 

3. المحور الثالث الشخص بين الضرورة والحتمية :
ان  هذا الشخص رغم هذه الهوية وهذه القيمة فهو ينتمي الى مجتمع معين ويعيش وفق شروط موضوعية ، تجعله يدرك ان وجوده مشروط بظروف قاهرة  وإكراهات وحتميات يخضع لها ، وهذا ما يفضي الى فقدن هذا الشخص حريته ، والتي بدونها ستنتفي جميع ابعاده الانسانية لكن رغم ذلك فالإنسان يرفض الإستسلام لواقعه ، ويفكر في تجاوزه فما السبيل الى تجاوز هذه الشروط والإكراهات لكي يحقق الشخص حريته ويمارسها ؟




مجزوءة الوضع البشري

مجزوءة الوضع البشري
الإنسان يتجاوز كل 
سعر... و لا يمكن 
أن يقدر بثمن 
  كانط
مدخل تمهيدي:
نقصد بالوضع البشري الوجود الإنساني الدي يمتاز بالتداخل والتعقيد، فهو من جهة،يرتبط بالوعي ولأخلاق والحرية، وهو من جهة تانية، يتصف بخصائص وسمات نفسية واجتماعية تتغير باستمرار. إن قوام الإنسان في الوجود ليس باعتباره جسدا، إنما وجوده كفكر وكوعي وامسؤولي أخلاقية. وهو في نفس الوقت مشدود إلى الأخر، أما وجدانيا أو لأن وعيه بذاته لا يتم إلا بوجود الأخر... إن كل هذه الأبعاد المرتبطة بالوضع البشري (الشخص ـ الغير) هي التي تشكل المجزوءة ككل.

1-الشخض
يرتكز مفهوم الشخص على فكرة الذات الحرة، إنه جوهر مفكر، يتحدد مع (ديكارت) كعقل " أنا أفكر إدن أنا موجود" ومع (كانط) فهو كائن أخلاقي، يمتلك عقلا أخلاقيا يستطيع بواسطته تحديد واجباته باعتباره مجرد من كل ذاتية، يقول كانط:"تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شحصك، كما في شخص غيرك، كغاية دائما وأبدا، وليس مجرد وسيلة البتة". يبدو انه من الصعب أن يحسم المرء في وجود تحديد نهائي للشخص، إنه ذات واعية تتعارضوتخلف عن كل الأشياء، فالوعي هو الذي يمنح للشخص حضوره. غير أن هذا الشخص تتعرض ذاته عوامل داخلية وأخرى خارجية

2-الغير
ليس الإنسان عضوية بيولوجية خاضع لقوانين الطبيعة بل هو شخص ذاتي، أو كياني عاقل، يمتلك إرادة وحرية ومسؤلية عن أفعاله، لكنه، في نفس الوعت، يتفاعل بالضرورة مع محيطه الإجتماعي والبيولوجي والنفسي والحضاري، وهذا التفاعل الديناميكي المتغير والمتعدد الأبعاد، هو ما يفسر البعد العلائقي للوجود الإنساني،أي إدراك ضرورة الأخر لوجود الأنا واكتشافه لنفسه سواء كان هذا الأنا هو الأخر الفردي أوالجماعي، وبحكم هذه  الضرورة نكون ملزمين لفهم هده العلاقة ، أي معرفة الأخر من أجل التواصل والتعامل معه. إن الغير ببساطة،  هو الأخر المختلف والغريب أحيانا، عهو أخر بشري، إنه بتعبير سارتر "الأنا الذي ليس أنا. إن نوع هذه العلاقة، هي بالضبط، جوهر اشكالية الأنا والأخر، واشكالية الهوية والأختلاف. فكيف نعي هذا الأخر ونتعرف عليه؟

الأستاد: عبد الرزاق سايف 

تمرين حول صيغة قولة مرفقة بسؤال أو مطلب : الغير

  تمرين حول صيغة قولة مرفقة بسؤال أو مطلب

تمرين حول صيغة قولة مرفقة بسؤال أو مطلب : الغير
 نص الموضوع :
" يشكل الغير عالما سريا وسجنا منيعا لا يمكنني النفاذ إلى أعماقه "

*******************************
حلل وناقش مضمون القولة  

المقدمة (الفهم) :

تحديد الموضوع - تحديد الإشكال  - إعادة صياغة الإشكال من خلال أسئلته الأساسية :
إذا كان موضوع القولة يجد مكانه داخل مجزوءة الوضع البشري فإنه يتأطر ضمن مفهوم الغير والذي يعني من الناحية الفلسفية " الأنا الذي ليس أنا " وتأتي أهمية هذا المفهوم نظرا لحمولته الفكرية والمعرفية، ويطرح موضوع القولة إشكالا فلسفيا يتعلق الأمر بمعرفة الغير والتواصل معه والدي يمكن صياغته كالاتي هل معرفتنا بالغير تنحصر في إدراكنا له كسجين لا يمكن لأحد اختراقه؟ أم أن معرفة الغير يمكن أن تتحقق بصورة تامة من خلال إدراكنا كذات شبيهة بالأنا؟
إذا كان الغير كما تبين لنا التجربة اليومية المعاشة كما أنه موجود كأنا آخر فما يدفع البعض إلى القول باستحالة معرفته؟ ألا يمكن للأنا أن تعرف الغير معرفة دقيقة ؟ وما هي السبل الكفيلة التي تجعلنا نحقق من خلالها معرفة بالعالم الداخلي للغير؟ ألا يمثل التعاطف معه شرطا ضروريا لمعرفته؟

التحليل :

- استخراج الأطروحة التي تضمنتها القولة  :
يتبين من مضمون القولة أنه يستحيل اعتراف الأنا بالغير بسبب انغلاق هذا الأخير داخل عالمه الخاص، وهو عالم يصعب اختراقه والنفاذ داخله.
- أفكار القولة ومفاهيمها الأساسية : 
ينبغي التطرق إلى شره القولة من خلال الوقوف على مضمونها الذي يذهب إلى القول باستحالة معرفة الغير لأن وعي الآخر عبارة عن قلعة حصينة، يستحيل النفاذ إلى عالمه ا لداخلي وهذه العزلة متبادلة بين الأنا والغير؛ فمثلما أن أبواب عالمي موصدة أمامه، فكذالك ابواب عالمه موصدة أمامي,
إن كلا من الأنا والغير يعيش تجربته الخاصة به، فالأنا يعيش تجربة حميمية مع ذاته تحول دون تحقيق اي تواصل بينه وبين الغير. فلا يمكن للآخرين اختراق وعي الأنا، كما لا يمكن نقل تجربة الأنا الداخلية للغير حتي و لو تمنت الأنا ذالك.
كما ينبغي الإشارة أيضا إلى أن هذه النظرة إلى الآخر هي نضرة سوداوية تشاؤمية.
- الوقوف عند الحجاج الذي تفترضه القولة :
تتضمن بنية القولة استدلالا جاء في صيغة مثل ( السجن ) وهو ما يعكس في نظر القولة استحالة معرفة الغير كما يعكس أيضا النظرة السوداوية والتشاؤمية للعلاقة مع الغير.
كما تضمن موضوع القولة ايضا تقابلا بين الأنا والغير.

المناقشة :

المناقشة الداخلية: 
 إن تجربة الأنا الذاتية بوصفها تجربة معزولة وغير قابلة ان تدرك من طرف الغير، هي نتيجة تمنع التواصل بين الأنا والغير كما تمنع أية علاقة حميمية بينهما. إنها نظرة سوداوية تشاؤمية تجاه الغير.
المناقشة الخارجية: 
أطروحة القولة غاستون بيرجي      معرفة الغير مستحيلة ( استحالة النفاذ إلى عالم الغير )
الأطروحة الداعمة سارتىىىىىىىىر     معرفة الغير مستحيلة ( وجود العدم بين الذوات )
كما ينتظر من المترشح في مرحلة  لاحقة مناقشة الأطروحة من خلال البحت عن مواقف تدعمها وذالك على الشكل التالي
الأطروحات النقيضة ميرلوبنتي       معرفة الغير ممكنة عن طريق التواصل معه
.................
.............. شيللر           الغير بنية متجانسة نستطيع معرفته

التركيب :

      ينبغي خلال هذا المطلب أن يلتزم المترشح بالعمل على صياغة نتائج تحليله و مناقشته في شكل خلاصات استنتاجية منسجمة مع منطق البناء و المعالجة، وينتظر أن تتضمن وجهة نظره الشخصية شريطة أن يدعمها نظريا. كأن يشير مثلا إلى أن القول باستحالة معرفة الغير من شأنه أن يكرس ثقافة العزلة وأن أية علاقة اجابية مع الغير.


ننتظر تفاعلكم ، أسئلتكم ، و إقتراحاتكم

تمرين حول صيغة قولة مرفقة بسؤال أو مطلب : الشخص

  تمرين حول صيغة قولة مرفقة بسؤال أو مطلب

نص الموضوع :
" لا يمكن أن نقدر الشخص بوصفه شيئا في ذاته بل غاية في حد ذاته ". ما رأيك
*******************************

عناصر الإجابة، المضامين والخطوات

المقدمة (الفهم) :

تحديد الموضوع - تحديد الإشكال - إعادة صياغة الإشكال من خلال أسئلته الأساسية :
تندرج هذه القولة ضمن مجزوءة الوضع البشري وبشكل خاص ضمن مفهوم الشخص كمجال للتساؤل والتفكير الفلسفيين، وهي تطرح إشكالا فلسفيا يمكن تناوله على النحو التالي: هل يمكن ان نقوم الشخص كما تقوم الأشياء؟ أم أن الإنسان بوصفه شخصا يعد أفضل منتوج وجودي على الإطلاق؟
متى يمتلك الشخص قيمته هل بصفته كائنا يلتقي مع جميع الموجودات الأخرى؟ أم أنه يستحق وحده ان يعتبر شخصا له كرامة ويفرض الاحترام؟ م أن تقدير الشخص يكمن
في تشخصنه؟ أم في علاقته بالمجتمع؟

التحليل :

- استخراج الأطروحة التي تضمنتها القولة  :
يعد الشخص اكثر من مجرد معطي طبيعي، إنه ذات لعقل عملي أخلاقي يستمد منه كرامة فالإنسان بهذا المعنى يصبح قيمة داخلية مطلقة تتجاوز كل تقويم أو سعر .
- أفكار القولة ومفاهيمها الأساسية :
إن نظرتنا إلى الإنسان ينبغي أن تتجاوز ذلك التشابه والتقاطع بينه وبين كائنات الأخرى  داخل الطبيعة، فالإنسان لا يعدو أن يكون مع هذه الكائنات مجرد قيمة مبتذلة. لكن عندما ننظر إليه بوصفه شخصا، أي كذات لوعي أخلاقي عملي، سنجده، يتمتع بالحرية والإرادة والكرامة التي تستوجب الاحترام، ومن تم، فهو يتجاوز كل سعر وهكذا، ادن، لايمكن أن نقدره بوصفه شيئا في ذاته، بل كغاية في ذاته.
تتضمن بنية القولة تقابلا اساسيا ( الشخص بوصفه : الوقوف عند الحجاج الذي تفترضه القولة غاية في ذاته =/= الشخص بوصفه شيئا )

المناقشة : 

المناقشة الداخلية: الرفض التام أن تكون قيمة الشخص هي قيمة الأشياء، فقيمة الشخص لا تقدر بثمن أما قيمة الأشياء فهي قيمة مبتذلة لكونها مجرد وسائل مسخرة لخدمة الإنسان نفسه.
المناقشة الخارجية: الشخص غاية في ذاته والعقل أساس كرامة الشخص وقيمته المطلقة، انه عقل اخلاقي كانط عملي
تدعيم الموقف الكانطي بالأطروحة الشخصانية مع ( إيمانويل مونيه ومحمد الحبابي ): الانتقال من الكائن إلى الإنسان عبر مرحلة التشخصن 

التركيب : 

ينبغي خلال هذا المطلب أن يلتزم المترشح بالعمل على صياغة نتائج تحليله ومناقشته في شكل خلاصات استنتاجية منسجمة مع منطق البناء والمعالجة، وينتظر أن تتضمن وجهة نظره الشخصية شريطة ان يدعمها نظريا. كأن يشير مثلا إلى أن الإنسان المعاصر، بل الإنسانية جمعاء أحوج ما تكون إلى هذا العقل الأخلاقي العملي الكانطي الذي يعلي من شأن الإنسان.

  ننتظر تفاعلكم ، أسئلتكم ، و إقتراحاتكم 

جميع الحقوق محفوظة © 2013 باك ديالك تمارين دروس امتحانات